حب تحت المطر رويات أحلام
جيسيكا ستيل
1- صدمة مزدوجة
2- سعدت برؤيتك
3- شيء في عينيه
4- ماذا يحدث لها ؟
5- صدمة الحقيقة
6- هل يخون الجسد
7- العذاب إذاابتسم
8- سيدة القصر
1- صدمة مزدوجةانتابها الذعر بحيث لم تستطع ان تفتح الباب الخارجي المتين .ولكنها تابعت محاولاتها مع لحاق مخدمها بها إلى الردهة وهو يهتف بكلمات غير مفهومة "لا تكوني هكذا......."
لكنها لم تنتظر لسماع البقية بل فتحت الباب بيدينمرتجفتين ، ثم اندفعت إلى الخارج تحت المطر المنهمر.
لم تتوقف عن الركض إلابعد ان نظرت خلفها وتأكدت من أن لا أحد يتبعها .
بعد مضي خمس دقائق تحول ركضمالون إلى خطوات سريعة نبهها هدير محرك سيارة إلى أنه ربما قرر أن يتبعها بسيارته . وعندما لم تمر بها أي سيارة بدأ الذعر يتملكها ثانيةً.
لم يقع نظرها سوى علىمساحات شاسعة من الأراضي الريفية غير المأهولة وعندما أصبحت السيارة بموازاتهاتملكها الارتياح لانها رأت شخصاً أخر غير رولاند فيليبس ....
كانت ترجوا أن يكونالسائق أنثى ، لذا خاب أملها عندما انزلق زجاج نافذة السيارة ووجدت نفسها أمامعينين رماديتين عدائيتين " أصعدي"
فأجات بحدة " لا ، شكراً"
أخذت تلكالعينان تتفحصانها للحظة " كما تشائين "
يبدو الرجل في منتصف الثلاثينات من عمرهإلا أنها لم تهتم ، وتابعت السيارة طريقها .
لا حظت مالون أن الخوف الذي تملكهالدى مهاجمة ورلاند فيليبس لها خف قليلاً.
سارت متثاقلة لا تملك أي فكرة عن مكانتقصده . فما تريده هو أن تبتعد قدر الامكان عن رولاند في منزله "آلمورا لودج" ولكما تتذكره هو عدم وجود بيت آخر قبل أميال من هنا.
حذاؤها الخفيف أخذ يئن تحت ضغطخطواتها فلم يدهشها الأمر وسط هذا المطر الغزير لم تبال بملابسها المبللة رغم انهاابتدأت تتمنى لو تمر سيارة آخرى تقودها أنثى لتوصلها معها .
تبدد خوفها،وشعرتبالبر والبلل والتعاسة . وتمنت لو انها قبلت أن يوصلها ذلك الغريب .لكنها بعد لحظةسخرت من هذه الفكرة السخيفة لو عانت من الرجال ما فية الكفاية فأكثرهم فاسقون!! عرفت ذلك من زوج أمها وفي ابنه، وصديقها السابق، عدا عن مخدومها هذا!
استمرالمطر بالهطول بغزارة فتوقفت عن السير و أخذت تقيم وضعها . لابد انها اجتازت حواليميل بعيداً عن المنزل انطلقت هاربة بهذا الثوب القطني الذي ترتدية وقد منعتها شدةالعضب ، حينذاك، من الانتباه إلى عزارة المطر، ومن التفكير في الصعود إلى الطابقالأعلى لإحضار حقيبة يدها . همها الوحيد آنذالك كان الابتعاد عن ذلك السكير رولاندفيلبيس .
تابعت مالون سيرها ، وقد أصبحت خطواتها الآن بطيئة كئيبة وهي بدركجهلها بالمنطقة، وأملها الوحيد هو أن تصادف شخصاً معتوهاً يخرج بسيارته في هذا الجوالعاصف، ليعرض عليها إيصالها بسيارته.
من غير المعقول أن يخرج كلب من البيت فيوضع كهذا ، فكيق بأحد ما ليعرض عليها توصيلها؟ألهذا السبب توقف ذلك الرجل رماديالعينين؟ لم يبد عليه السرور لدعوتها إلى ركوب سيارته وتوسيخ فرشها الجلدي، هذا إذاكان قوله لها بتلك الخشونة "إدخلي" يمكن أن يسمى دعوة . حسناً أنه يعلم ما يستطيع ....
تناهى إليها هدير محرك سيارة .. فوقفت. كان المطر قد خف قليلاً فاستدارتوأخذت تنظر إلى السيارة البادية للعيان.
نظرت إلها بحذر وهي تدركها ثم توقفت . إنزلق زجاج النافذة ووجدت عينيها الزرقاوين تحدقان في تينك العينين الرماديتينالباردتين. و أدركت انه لا بد قام بجول ليعود أدراجه إليها .
لم يبتسم الرجل، لميدعها إلى ركوب دخول سيارته، بل اكتفى بالقول : "هل نلت كفايتك؟"
رأت كلامهصحيحاً ، فشعرها الاشقر يلتصق برأسها وثوبها أيضا بساقيها ، لابد انها أصبحت الآنأشبه بجرذ مبلول .
تنهدت وهي ترتجف وكان أمامها خياران إما أن تطلب منه أن يبتعدبينما الله وحده يعلم منتى تصادف سيارة أخرى وإما أن تصعد إلى سيارته.
سألته وهيترتجف " هل تعرض علي الصعود؟"
رداً عليها ، انحنى نحو المقعد ليفتح لها الباب ثمضغد زر زجاج النافذة ليرتفع من جديدشعرت وكأنها في زاوية مظلمة يتصاعد منهازئير وحش مفترس، وترددت للحظة ولكن الشعور بالهزيمة غلبها.
دارت حول السيارةوصعدت إلى جانب الغريب. وعندما مد يده نحوها قفزت مجفلة . ألقى عليها الزجل نظرةحادة إذا لم يفته حذرها منه، ثم تابع إدراة جهاز التدفئة وتوجيهه نحوها.
دفعتهاالغريزه إلى الاعتذار.. ولكن علام فكل الرجال أصحاب غرائز وهو لن يكون مستثنى . ستكون حمقاء لو فكرت خلاف ذلكقطعا حوالي نصف ميل ، ثم سألها " إلى أينتذهبين؟"
كان جهاز التدفئة ممتازاً وفكرت في ان تشكره لحساسيته ، لكنها لم تشأان تبدأ أي حديث معه فأجابت بصوت متعب " إلى أي مكان"
رد ساخطاً " أين تريديننيأن أنزلك".
أهو ساخط؟؟ و أجابت " إلى أي مكان "
لم تكن تعرف إلى أين تذهب .. أو أين هي الآن ، فهي غريبة عن هذه المنطقة تماماً.
نظر إلها متفحصاً، وسألها " من أن أنت قادمة ؟".
مازال الحذر يتملكها إلا أنها كانت تشعر بالدف والراحةواستشفت في صوته الضجر لانه تصرف كرجل شهم نحو شخص مثلها . تملكها شعور بأنها إذالم تجبه حالأً، فسيفتح الباب ويدفعها إلى الخارج. كانت السيارة دافئة وشعرت بإرهاقبالغ يمنعها من العودة تحت المطر .
فقالت : "من آلمورا لودج. أنا قادمة منهناك".
تساءلت عما إذا كان يعرف موقع آلمورا لودج لكنها أدركت أنه على الارجحيعلم عندما سالها : أتريدين أن أعيدك إلى هنالك"
- لا. لا أريدأجابت بحدةوجفاء وسحبت نفساً مرتجفاوعندما تمالكت نفسها أضافت "شكرا لا أريد العودة إلى هناكأبداً"
ومره أخرى شعرت بالعينين الرماديتين تتفحصانها، لكن التعب والارهاقمنعاها من ان تهتم وعلى كل حال هو لم يقل شيئاً إنما قاد السيارة مسافة ميلين ثمأخذ يبطئ السيارة .
تملكها الحذر فعدا عن مبنى مهجوز إلى اليمين لم يكن فيالمنطقة منزل آخر.
توجه بالسيارة إلى ما بدا لها الجزء الوحيد القائم من ذلكالبيت المهجور، ولا حظت عمودين حجزيين على جانبي المدخل الذي كتب عليه (هاركوتهاوس)
- إلى أين تأخذني ؟صرخت بخوف وقد نشطت مخيلتها. من الممكن أن تدفنسنوات في واحد من هذه الأبنية المتداعية الملحقة بالمنزل من دون ان يعرف ذلكأحد.فقال بصوت هادئ يتناقص مع صوتها المذعور:" أنت لا تعلمين إلأى أين تريدينالذهاب ، و انا ليست في مزاج مناسب لأفك الألغاز . توقفت هنا لأخذ بعض معداتي و ...."
فهتفت غير مصدقة :"هل تعيش هنا؟"
- بل أعيش في لندن ، لكنني أرمم هذاالمنزل لم أنكن أنوي القدوم خلال هذه العطلة الاسبوعية ، ولكن مع هذا الجو الممطرحئت لأرى ما إذا كان الجزء المتداعي من السط قد أصلح .
بدا لها أن هذا كل ماهومستعد لقوله لانه سرعان ما تابع"علي القيام ببعض الأعمال التي قد تستغرق بعض الوقت . أما انت ، فإما ان تبقي في السيارة وتصابي بالتهاب رئوي ، لألقي بلك في اول ملجألمتشردين أصادفه في طريقي ، و إما أن تدخلي المنزل وتجففي ثولك أثناء إنتظارك فيالمطبخ الدافئ."
أخذت مالون تحدق إليه بذهول عدة ثوان. وصفه لها بالمتشردة جعلهاتنقل نظراتها بينه وبين ثوبها.
رأت، بعينين مذعورتين أن ثوبها كان ممزقاً فيأمكنة عدة.
صرخت بصوت مخنوق وقد التهبت وجنتاها وأغرورقت عيناها بدموعالمذلة.
- إياك أن تجرؤي على البكاء أمامي! هيا بنا لندخل .
قال هذا بلهجةآمره وهو يترجل من السيارة ليفتح لها الباب .
لم تخرج من السيارة على الفور فقدتملكها رعب لن ثتق بأحد مره أخرى بسرعة ، ولحسن الحظ، أن المطر قد خف كان الرجلالغريب طويلا فانحنى ينظر إليها بينما غطت هي بعناد ثوبها المكشوف وبقيت واقفة فيمكانها رافضة ان تتزحزح
- أنت لن...............
ابتدأت بهذا السؤال ثماكتشفت انها ليس بحاجة إلى إكماله .
بادلتها العينان الرماديتان الثابتنانالتحديق. أتراه أعجب بها لينتهز الفرصة؟نظر إلى مظهرها الرث ثم قال لإختصار " ولا بعد مليون سنة".
لم يكن رده يحيوي علىالمديح ، إلى انه طمانهاتركهالتلحق به ثم فتح الباب الخلفي ودخل إلى ورشة العملنزلت مالون من السيارة ثمأخذت تسير بحذر بين معدات البناء. كانت الردهة الخلفية مظلمة وقد توزعت في أنحائهاالالواح الخشبية المتاوفته الطول . كان النهار كئيباً ولكن المصباح الكهربائي مضاءأدركت أن عمال الكهرباء مازالوا يعملون وان المنزل هاركورت هاوس لم يعد مهجوراً كمابدا لها الخارج الامامي .
وجدت الرجل يضع إبريق الشاي على النار في مطبخ منظموكامل التجهيزات وقفت بالباب وهي تقول غير واثقة :" يبدو أن زوجتك حصلت على مايهمها أولاً"
فقال وهو يفتح درجاً ليخرج منه فوطتي مطبخ ويضعهما على المائدةبقربها :" بل أختي فأنا غير متزوج وفقاً لأختي فاي المطبخ هو قلب البيت وقد تركتهاتنظمة حسب رغبتها مع بعض الارشادات مني"
ابتدأت مالون تشعر بشي من الارتياح معهدخلت المطبخ لكن عينيها كانتا تراقبانه وهو يعد الشاي .
- يوجد جهاز تدفئةكهربائي لماذا لا تدفئين نفسك؟ وبما انك لا تستطيعين احتضان ثوبك الممزق طوالالوقت، سأخضر لك قميصاً تلبسينة أثناء شربك الشاي؟لم تجب لكن لهجته الحازمةجعلتها تحيد عن طريقه وهو يخرج من الغرفة وعندما عاد وهو يحمل قميصاً وبعضالبنطلونات ن وجوربين قصيرين ، كانت لاتزال واقفة مكانها.
- جهاز التجفيف موجودفي تلك الغرفة . كما إن باب المطبخ مزود بقفل. لم لا تغيرين ملابسك بينما أذهب أنللاهتمام ببعض الامور؟لم تكن مالون مستعجلة لتغيير ملابسها . شعرت بأن هذاالرجل يعرف كيق يتظاهر بالرقة والشهامة، لكنها لم تعد تنخدع بالمظهر الخارجي. تقدمتنحو باب المطبخ وأقفلته.
استعملت المنشفةبسرعة، ودون الاهتمام بمظهرها.وضعتثوبها في جهاز التجفيف، بينما ارتدت الملابس التي أحضرها لها الرجل . ثنت كميالقميص ولكذلك ساقي البنطال وحارت في كيفية تثبيتهما . وعندما عاد الرجل الغريب،كانت تلف شعرها المبلل بأكبر منسفة وجدتها شاعره بتحسن بالغ.
أثناء فتحها لخزائن المطخ وجدت فنجاني شاي ومعلبات مختلقة جهزتهاأخته.
فتحت مالون قفل الباب.وعندما دخل الرجل ،قالت له بما يشبه الاعتذار :"فكرتفي أن أسكب الشاي قبل ان يبرد".
- كيف حالك الآن.؟سألها وهو يحمل فنجانيالشاي الى المائدة الفسيحة. قدم لها كرسياً،ثم جلس في الناحية الآخرى منالمائدة .
فأجابت شاعرة بثقة بعد ان جلست على الكرسي التي قدمها إليها :
- أشعر بالدفء والجفاف.
- هل لي أن أعرف إسمك.؟تابع وكانه يشجعها على ذكرإسمها "أدعى هاريس كويليان"\
- مالون بريتويتولم تزد وساد الصمت في الغرفة .
سألها وهو ينهي فنجانه ويضعه على المائدة " هل هنالك ما تحبين أن تخبرينيبه؟"
لا شيء.....! أخذت تفكر سرا وهي تحدق إليه .. تألقت عيناها العميقتا الزرقةفيما عاد اللون إلى بشرتها الجميلة جذبت نفساً مرتجفاً فهي تدرك أنها مدينة لهذاالرجل أكثر من مجرد كلمة (لا) لم يكن مضطراً لان يقف ونتشلها من ذلك الوضع ولامرغماً على مدها بملابس جافة . واعترفت لنفسها بأن شهامة هاريس كويليان اشعرتهابالدف واعادت إليها الثقة بالطبيعة البشرية .
سألته" ما ... ماذا تريد أن تعلم؟"
هز كتفية وكأن ذلك غير مهم ولكنه أجاب "أنك شابة مليئة بالكآبة، ولا يهمك أنيتذهبين ، عدا عن نفورك الواضح من العودة من حيث جئت.ربما يستحسن أن تخبريني عما حثفي "آلمورا لودج" فأجافك إلى هذا الحد".
لم تشأ أن تخبره بشء كهذا ، فسألته "هلأنت مخبر سري؟"
فهز رأسه :"لا، أن أسكن المدينة وأعمل في المواردالمالية"
تكهنت من النظر إليه أنه يتربع على عرش دنيا الأعمال لانه يصلح هذاالمنزل الفسيح الذي يكلف ثروة. ومع ذلك لم تشأ ان تجيب عن سؤالهفأعاد صياغةالسؤال "لاي سبب كنت تزورين ألمورالودج".
بقيت على عنادها لا تجيب ، ثم اكتشفتأنه يوازيها تصميماً في الحصول على الجواب ، إذا قال بإلحاح :"آلمورا لودج يماثلهذا المكان عزلة, يقتضي الوصول إليه مواصلات خاصة"
- كان عليك أن تكون مخبراًسرياًأبتدات تشعر بالاستياء إلى حد لم تعد ترى معه السيد هاريس كويليان شهماًعلى الاطلاق.
- ما الذي أخافك يا مالون وجعلك تهربين من دون أن تجدي وقتاًلتأخذي مفاتيح سيارتك؟فانفجرت تقول " لم أجد وقتاً آخذ فيه مفاتيح سيارتي لاننيلا أملك سيارة".
ابتسم، فقد جعلها تتكلم :" ومكيف ذهبت إلى هناك إذن؟"
ابتدأتتكره هذا الرجل :"احضرني رولاند فيليبس من المحطة وذلك منذ ثلاثة أسابيعونصف".
سكت هاريس كويليان فجأة وقد اسودت ملامحه،ثم عاد يسألها
-أنت أقمتهناك؟ مع فيليبس في "آلمورا لودج"؟ هل انت خليلته؟"
فقال صائحة :"لا. لست كذلك ! وما كنت كذلك قط"
أغضبتها هذه الصفة"ولانني رفضت تحرشاته تعاركت معهاليوم"
واخذت ترتجف،فوقف على الفور واقترب منها لكن مالون لم تكن تريد اي نوع منالمواساة من أي رجل فتراجعت بسرعة.
وعندما تكلم ، كان صوته هادئاً مواسياً - هلتعاركت معه؟"
فأجابت وقد هدأ صوتها " حسناً لم يضربني ، رغم انني أعاني من رضوضفي جسدي جراء خشونته . فانا التي تعاركت معه، في الحقيقة لأخلص نفسي منه كان يشربولكنه لم بفقد شيئاً من قوته".
- هل استطعت التحرر منه قبل........؟فقالتهامسة :" نعم"
شعرت بإعياء لمجرد تذكرها ما حدث ، ثم أدركت ان لونها شحب عندماقال لها:" ربما يجدر بك أن تجلسي، يا مالون. أعدك بأن لا أؤذيك".
بدت لها العودةللجلوس فكره حسنة. عادت إليها قوتها وكان هذا كافياً لتقول بحزم :" لا أريد انأتحدث عن ذلك ".
عاد هاريس إلى مقعده ثم قال " لقد اصبت بصدمة .ومن الافضل انتتخلصي منها بالكلام."
فردت عليه بحدة :"هذا ليس من شأنك".
-بل هو شأني .
كان جوابه خشناُ وعزت الأمر إلى انه انتشلها من مواجهة الرياح ومنحها ملجأ .تابع يقول بحزم : إما ان تخبريني يا مالون ، و إما.........."
نظرت إليه لمتهتم كثيراً بكلمته تلك بينما تابع يثول "و إما سأضطر إلىالتفكير جدياً في أخذك إلىمخفر الشرطة لتقديم شكوى محاولة اغتصاب ضد رولاند فيليبس........"
- لن أفعلشيئاً من هذا النوع ..
قاطعته بقولها. صحيح أن رولاند فيليبس يستحق أن يتهمبمحاوله اغتصاب إلا ان هناك اعتبارات أخرى يجب التفكير فيها. تعلم مالون ان تهمةالاغتصاب ، وما يصحبها من تشهير ستسبب لأمها قلقاً خطيراً ولكن أمها بدأت الآن تشعربالسعادة بعد سنوات من التعاسة ولن تفسد عليها تلك السعادةوحملقت بعناد فيهاريس، فبادلها نظرتها وهو يقول :"الخيار لك ".
استمرت تحملق فيه من دون أن يؤثرذلك فيه وثار غضبها .. ماذا جرى له؟ هل لانه أوصلها بسيارته و أعطاها ملابس جافة..؟حولت نظراتها عنه. لا بد أن ثوبها قد جف الأن ونظرتإلى نافذة المطبخ وتملكها اليأس ..فقد كان المطر ينهمر بغزارة.فقالت بجفاف:
- كنت أعمل لديه.
-رولاندفيليبس؟
- وضع إعلاناً يطلب فيه مدبره منزل والافضلية لمن تحسن الاعمال المكتبيةوكنت بحاجة إلى مكان اسكنه .. ووظيفة وهكذا تقدمت.
-وهل أجابك خطياً؟
-اتصلهاتفياً. أنه يعمل مشرفاً على سلسلة مطاعم في أوروبا . قال انه نادراً ما يأتي إلىبيته هنا.
فسألها هاريس بخشونه :" وهل وافقت على العيش معه من دون أن تسألي عنهأولا؟"
فانفجرت ساخرة :"أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً".
شعرتبالارتياح وكأن هذا الرجل الحازم أمدها بالطاقة وتابعت :
- قال إنه بحاجة إلى انابدأ عملي على الفور وقد ناسبني الامر جداً قال انه متزوج و .......
فقاطعها :"هل تعرفت إلى زوجته ؟"
- كانت خارج البلاد، انها تعمل في مؤسسة خيرية للأولادوقد سافرت لتوها.لم أعرف إلى بعد وصولي الى آلمورا لودج، لكن الأمر لم يزعجني بشكلخاص. كان رولاند يعمل بعيداً عني ، أكثر الاحيان ، في الواقع، نادراً ما كنت أراهحتى هذه العطلة الأخيرة.
-هل هذه أول عطلة اسبوعية يمضيها في بيته؟
-نعم .وصلمساء الجمعة متأخراً.. وهو ..
وعندما سكتت قال يستحثها :"وهو ماذا ؟"
- حسناً، كان مهذباً مساء الجمعة ، وامس ايضاً، رغم انني ابتدأت أشعر بعدم الارتياح.. ليس بسبب ما يقوله بل لما كان يتضمنه قوله من أشياء فاحشة .
ألم يكن عدم إرتياحككافياً لكي يجعلك تغادرين منزله ، حينذالك؟كان هذا تدخلاً من كويليان فكرهتهمالون، وردت عليه بحدة :"وأين أذهب ؟ لقد تزوجت أمي حديثاً، ومن غير المناسب أنأنتقل معها إلى بيتها إذا لم أحصل على راتبي من رولاند ، فلن أستطيع الذهاب إلى أيمكان ".
-هل أنت مفلسة؟.
سألها باختصار ولكنها استشاطت عيظاً . يكفيهااضطرارها إلى الحديث عما حدث لها،لذا لن تضيف أنها لا تملك مكاناُ تبيت فيهليلتها.
- نسي أن يترك نقوداً كمصروف لبيته، فاضطررت لانفاق ما لدي من دكانالقرية الذي يبعد ميلاً.
-ألم تفكري أبداً في أن تطلبي منه نفقات للمنزل؟\
- ماذا ؟اعترضت على استنطاقة لها ، لكنه عندما نظر إلها ببرودة وجدت نفسها تعترف :" بدا لي ذلك مهيناً ففكرت في أن أدع ذلك حتى أستلم منه أجري . حينها، كان رولاندقد شرب الكحول كثيراً اثناء الغداء ثم ...ثم ...ثم يبدو أنه ظنني أشجعه عندما قلتله أن يرقع يده الكريهة عني. لم يخطر ببالي، عندما استطعت الهرب منه ، أن أتسكعقربه لأتحدث إليه عن النقود التي يدين لي بها! انطلقت هاربة من الباب بأقصى سرعة . والآن هل اكتفيت؟لم تعرف ما إذا كان راضياً حقاً عن اعترافاتها لان صوت ارتطامعنيف فوقهما صرف أفكارهما عن أي شي أخر.
وفي غضون ثانية أصبح هاريس في الردهة وأخذ يصعد السلم ركضاً وتبعته مالون. كان المكان عائماً بالماء و أحد أبواب غرفالنوم مفتوحاً. ومن دون تفكير ، اندفعت إلى الداخل لتقديم المساعدة كان واضحاً أنالسطح لا يزال ضعيفاً ومع تساقط المطر انهار سقف إحدى الغرف وسألته "أين تضعونالدلاء؟"
وبعد ساعة ،انتهى تنظيف الغرفة من الماء والحطام وعادت مالون إلىالمطبخ وكانت قد استعملت الفوطة التي لفت بها شعرها لعدم وجود خرق لمسحالارض.
لحسن الحظ ، كان شعرها قد جف الآن ، وعندما دخل هاريس بالمطبخ رأها تمشطشعرها الاشقر الطويل، لم تعرف ما إذا كان عملها هو الذي جعلها تشعر بمزيد منالمعافاة، وبالقدرة على تقييم خياراتها بمنطق أكثر مما فعلت .
قال لها وعيناهتتأملان لون شعرها الحقيقي: شكرا على المساعدة، عملك كان رائعاً".
لم تستطع انتقول له انه كان متكاسلاً لانه حمل الاشياء الثقيلة فأجابت "كان عملاً مشتركاًبيننا".
حسب علمها، كان شعرها مشعثاً متشابكاً، ووجهها خالياًمن أي زينة، كماأنها ترتدي قميص كويليان وبنطلونه الفضفاضين وبعضل تنقلها خافية في الماء في الطابقالأعلى أصبحت الآن مبللة .قالت بتكلف مرح :"من الأفضل أن أبدأ بالتفكير في ما عليأن أفعله".
- بشرط ألا تعودي إلى "آلمورا لودج"
قال هذا فجاة بلهجة عدائية .لديه الموهبة لتفجير غضبها على الفور :وهل أبدو غبية إلى هذا الحد؟"
تكلمت بغضبلكنها تعرف أنها ستطلب منه العون لذا عليها ان تكبح كرامتها وتتنازل عن عليائهافقالت مكرهة :" كنت ... أتساءل إن كنت تتكرم وتوصلني إلى يوركشاير؟".
- وهل تعيشأمك هناك؟
- ليس لدي مكان غيره لأذهب إليه
- ولكن ، ألا تريدين الذهاب إلىهناك؟
- عاشت إمي أياماً صعبه وهي سعدة الآن لأول مره منذ سنوات . لا أريد أنأسبب لها القلق خصوصاً في شهر عسلها . لاأعرف الآن ما العمل.
ساد صمت قصير ثمقال :"أنا أعرف"
نظرت إليه بدهشة ...حذرة :"تعرف؟"
- إهدئي و اصغي إلىماسأعرضه عليك.
- ما ستعرضه علي؟سألته وعيناها إلى الباب ، مستعدة للهرب لدىأي تصريح منافق يدلي به.
- استريحي ، يا مالون . ما سأعرضه عليك واضح للغاية . أنت بحاجة إلى عمل، مع مكان للسكن، كما أنني بحاجة إلأى وكيل عني هنا.
فحملت به :"وكيل؟ فإما أن تقبلي وإما أن ترفضي. ولكن ، كما ترين، المكان يعاد يناؤة و انابحاجة إلى شخص هنا ليشرف على عمال الأدوات الصحية ، والنجارين ، والفنيين ومصل هذهالامور. أي ملاحظة الأمور عموماً، إذا تسرب الماء من سقف ما. لقد رأيت لتوي طريقةمعالجتك للامور الطارئة . وفيما بعد ، سأكون بحاجة إلى مشرف على العمال وعلىالأثاث...
لم يكن بحاجة إلى الاستمرار ،فقد أخذت فكرة تامة . ولأنها عانتلتوها من مخدومها السابق فكرت في أن هذا العمل يناسبها تماماً لفترة قصيرة ، إذاسيمنحها سقفاً أثناء بحثها عن عمل آخر ..
- أين سيكون مركز هذا العملالمثير؟سألته محاولة ألا تفكر في أن هذا العمل حل رائع لمشاكلها. إذا قبلت عملالمراقبة هذا فلن يكون عليها ان تتطفل على أمها وزوجها في بداية حياتهما الزوجيةمعاًوأجابت :"هذا المبطخ هو ، تقريباً،المكان الوحيد المريح في هذا المنزل، لذالدينا أنا وانت ، مصلحة مشتركة ..."
فقاطعته بارتياب:"واين سأنام؟"
تأملهالحظة أو اثنتين ثم قال بهدوء:" انت لا تثقين بالرجال، أليس كذلك ".
- فلنقل اننيعرفت ما يكفيمن الرجال الذين يظنون أنني متلهفة للخروج معهم .
- وهل لديك تجاربعدا فيليبس؟تجاهلت مالون هذا السؤال . كانت تجربتها مع رولاند هي الأسوأ، لكنهالاتنوي أن تخبر كويليان عن زوج أمها السابق و ابنه ولا عن خطيبها السابق المتقلبالعواطف .
وعادت تسأله - أين سأنام ؟كانت تدرك أن عليها أن تفكر بجدية فيعرض العمل هذا
- حالياً، هناك عرفتان صالحتان للسكن، لكنهما غير مطليتين . تكفيك واحدة منهما وهي تحتوي على الكثير من الاثاث، لكنها عرفتي التي أمضي فيهاعطلة الأسبوع.
ومره أخرى ألقت نظرة سريعة على الباب بينما كان يتابع :"لكننيسأعود إلى لندن هذا المساء، وبهذا تكون لك حتى أرسل إليك سريراً أخر، ربما غداً أوالثلاثاء . هل لديك مانع من البقاء هنا وحدك ؟"
- لا، أود ذلك .
أجابت بصراحةوصدق، وهي لا تكاد تصدق هذا التحول المفاجئ في الاحداث
- هذا حسنشعرت نحوهبالمودة وهي تراه لا يشعر بأي جرح في كرامته لان جوابها بدا وكانها تقول إنها لاتمانع حتى لو تركها الآن وخرج..و انها تفضل بعده عنها على صحبته. وتابع هو :" إذاقبلت هذا العمل،
فسأرتب أمر إحضار بعض الأثاث باكراً ، وعند نهاية الأسبوع تكونين مستقرة في غرفتك ".
- هل ستكون هنا مره أخرى في العطلة الاسبوعية ؟
سألته بتحفظ فتأملها بثبات :" هل أنت دوماً بهذا الاحتراس ؟ط
- لا ، وإلا لما كنت في الوضع الذي انا فيه!
- إذن فأنت قلقة من أن أمضي ليلة معك في البيت نفسه؟
لم تجب،، وبعد لحظة قال :" اشتريت هذا المنزل لكي أرتاح فيه أخر الاسبوع . ومن الواضح أن إصلاح "هاركورت هاوس " سيستغرق وقتاً طويلاً. ولكن إذا وافقت على البقاء هنا، فيمكنك الاتصال بي أو بسكرتيرتي عند حصول أي مشكلة ، مثل تسرب الماء ، أو ملاحقةالعمال... فأحضر.
أثناء وجودي ، سأخذك إلى فندق ثم أعود فأحضرك قبل عودتي إلى لندن، ما رايك بهذا؟.
- إلى متى سيستمر هذا؟
سألته ذلك ، عالمة بأن عليها ان تكون متلهفة لاقتناص هذه الفرصة ولكن الخوف مازال يتملكها ، فقالت :" عندما تهدأ أعصابي، سأبدأ بالبحث عن عمل أكثر اسقراراً."
-لا أظن أن العمال سينتهون قبل ثلاثة أشهر، لكنني لن أتمسك بك كل هذه المدة، إذا وجدت عملاً مناسباً.
سحبت مالون نفساً عميقاً ثم قالت قبل ان تغير رايها:" أقبل هذا العرض".
ثم انتبهت فجأة إلى ملابسها فهتفت :" ملابسي.. لايمكن أن أطوف في البيت مرتدية قميصك وبنطلونك ثلاثة أشهر".
-فقال بهدوء سأخذك بالسيارة إلى آلمورالودج لتحضري أمتعتك.
- وهل ستأتي معي أيضاً........؟
وبدا الخوف في صوتها فتوتر فكة - لن أتركك تذهبين وحدك
قال هذا بحزم ، ثم نظر إلى ساعته . عندما نظر إليها ، رأت في عينيه نظره فولازية ، فتملكتها الحيرة وهو يقول : حان الوقت لأن أذهب و اتحدث إلى صهري.
نظرت إليه بصمت من دون أن تفهم ما قاله .وسألته "صهرك ؟"
سار هاريس نحو باب المطبخ ، وقد بدا مصمماً على الذهاب معها :
" رولاند فيليبس هو زوج أختي فاي".
نظرت مالون إليه فاغرة فاها .لم تستطع ان تتذكر ما قالته له. ولكن ما تعرفه هو انها أخبرته بصراحة أن زوج أخته هاجمها عمداً!!
ابتدأ الغضب يتملكها من كويليات، كيف يجرؤ على ذلك ؟لا بد انه أدرك انها ما كانت لتخبره شيءاً عن رولاند لو عملت انه صهره !
وأدركت أن هاريس كويليان لم يخبرها بذلك ، لتتابع حديثها لا بد أنه تعمد ذلك ...... كيف أقدم على ذلك؟
نهاية الجزء الاول
جيسيكا ستيل
1- صدمة مزدوجة
2- سعدت برؤيتك
3- شيء في عينيه
4- ماذا يحدث لها ؟
5- صدمة الحقيقة
6- هل يخون الجسد
7- العذاب إذاابتسم
8- سيدة القصر
1- صدمة مزدوجةانتابها الذعر بحيث لم تستطع ان تفتح الباب الخارجي المتين .ولكنها تابعت محاولاتها مع لحاق مخدمها بها إلى الردهة وهو يهتف بكلمات غير مفهومة "لا تكوني هكذا......."
لكنها لم تنتظر لسماع البقية بل فتحت الباب بيدينمرتجفتين ، ثم اندفعت إلى الخارج تحت المطر المنهمر.
لم تتوقف عن الركض إلابعد ان نظرت خلفها وتأكدت من أن لا أحد يتبعها .
بعد مضي خمس دقائق تحول ركضمالون إلى خطوات سريعة نبهها هدير محرك سيارة إلى أنه ربما قرر أن يتبعها بسيارته . وعندما لم تمر بها أي سيارة بدأ الذعر يتملكها ثانيةً.
لم يقع نظرها سوى علىمساحات شاسعة من الأراضي الريفية غير المأهولة وعندما أصبحت السيارة بموازاتهاتملكها الارتياح لانها رأت شخصاً أخر غير رولاند فيليبس ....
كانت ترجوا أن يكونالسائق أنثى ، لذا خاب أملها عندما انزلق زجاج نافذة السيارة ووجدت نفسها أمامعينين رماديتين عدائيتين " أصعدي"
فأجات بحدة " لا ، شكراً"
أخذت تلكالعينان تتفحصانها للحظة " كما تشائين "
يبدو الرجل في منتصف الثلاثينات من عمرهإلا أنها لم تهتم ، وتابعت السيارة طريقها .
لا حظت مالون أن الخوف الذي تملكهالدى مهاجمة ورلاند فيليبس لها خف قليلاً.
سارت متثاقلة لا تملك أي فكرة عن مكانتقصده . فما تريده هو أن تبتعد قدر الامكان عن رولاند في منزله "آلمورا لودج" ولكما تتذكره هو عدم وجود بيت آخر قبل أميال من هنا.
حذاؤها الخفيف أخذ يئن تحت ضغطخطواتها فلم يدهشها الأمر وسط هذا المطر الغزير لم تبال بملابسها المبللة رغم انهاابتدأت تتمنى لو تمر سيارة آخرى تقودها أنثى لتوصلها معها .
تبدد خوفها،وشعرتبالبر والبلل والتعاسة . وتمنت لو انها قبلت أن يوصلها ذلك الغريب .لكنها بعد لحظةسخرت من هذه الفكرة السخيفة لو عانت من الرجال ما فية الكفاية فأكثرهم فاسقون!! عرفت ذلك من زوج أمها وفي ابنه، وصديقها السابق، عدا عن مخدومها هذا!
استمرالمطر بالهطول بغزارة فتوقفت عن السير و أخذت تقيم وضعها . لابد انها اجتازت حواليميل بعيداً عن المنزل انطلقت هاربة بهذا الثوب القطني الذي ترتدية وقد منعتها شدةالعضب ، حينذاك، من الانتباه إلى عزارة المطر، ومن التفكير في الصعود إلى الطابقالأعلى لإحضار حقيبة يدها . همها الوحيد آنذالك كان الابتعاد عن ذلك السكير رولاندفيلبيس .
تابعت مالون سيرها ، وقد أصبحت خطواتها الآن بطيئة كئيبة وهي بدركجهلها بالمنطقة، وأملها الوحيد هو أن تصادف شخصاً معتوهاً يخرج بسيارته في هذا الجوالعاصف، ليعرض عليها إيصالها بسيارته.
من غير المعقول أن يخرج كلب من البيت فيوضع كهذا ، فكيق بأحد ما ليعرض عليها توصيلها؟ألهذا السبب توقف ذلك الرجل رماديالعينين؟ لم يبد عليه السرور لدعوتها إلى ركوب سيارته وتوسيخ فرشها الجلدي، هذا إذاكان قوله لها بتلك الخشونة "إدخلي" يمكن أن يسمى دعوة . حسناً أنه يعلم ما يستطيع ....
تناهى إليها هدير محرك سيارة .. فوقفت. كان المطر قد خف قليلاً فاستدارتوأخذت تنظر إلى السيارة البادية للعيان.
نظرت إلها بحذر وهي تدركها ثم توقفت . إنزلق زجاج النافذة ووجدت عينيها الزرقاوين تحدقان في تينك العينين الرماديتينالباردتين. و أدركت انه لا بد قام بجول ليعود أدراجه إليها .
لم يبتسم الرجل، لميدعها إلى ركوب دخول سيارته، بل اكتفى بالقول : "هل نلت كفايتك؟"
رأت كلامهصحيحاً ، فشعرها الاشقر يلتصق برأسها وثوبها أيضا بساقيها ، لابد انها أصبحت الآنأشبه بجرذ مبلول .
تنهدت وهي ترتجف وكان أمامها خياران إما أن تطلب منه أن يبتعدبينما الله وحده يعلم منتى تصادف سيارة أخرى وإما أن تصعد إلى سيارته.
سألته وهيترتجف " هل تعرض علي الصعود؟"
رداً عليها ، انحنى نحو المقعد ليفتح لها الباب ثمضغد زر زجاج النافذة ليرتفع من جديدشعرت وكأنها في زاوية مظلمة يتصاعد منهازئير وحش مفترس، وترددت للحظة ولكن الشعور بالهزيمة غلبها.
دارت حول السيارةوصعدت إلى جانب الغريب. وعندما مد يده نحوها قفزت مجفلة . ألقى عليها الزجل نظرةحادة إذا لم يفته حذرها منه، ثم تابع إدراة جهاز التدفئة وتوجيهه نحوها.
دفعتهاالغريزه إلى الاعتذار.. ولكن علام فكل الرجال أصحاب غرائز وهو لن يكون مستثنى . ستكون حمقاء لو فكرت خلاف ذلكقطعا حوالي نصف ميل ، ثم سألها " إلى أينتذهبين؟"
كان جهاز التدفئة ممتازاً وفكرت في ان تشكره لحساسيته ، لكنها لم تشأان تبدأ أي حديث معه فأجابت بصوت متعب " إلى أي مكان"
رد ساخطاً " أين تريديننيأن أنزلك".
أهو ساخط؟؟ و أجابت " إلى أي مكان "
لم تكن تعرف إلى أين تذهب .. أو أين هي الآن ، فهي غريبة عن هذه المنطقة تماماً.
نظر إلها متفحصاً، وسألها " من أن أنت قادمة ؟".
مازال الحذر يتملكها إلا أنها كانت تشعر بالدف والراحةواستشفت في صوته الضجر لانه تصرف كرجل شهم نحو شخص مثلها . تملكها شعور بأنها إذالم تجبه حالأً، فسيفتح الباب ويدفعها إلى الخارج. كانت السيارة دافئة وشعرت بإرهاقبالغ يمنعها من العودة تحت المطر .
فقالت : "من آلمورا لودج. أنا قادمة منهناك".
تساءلت عما إذا كان يعرف موقع آلمورا لودج لكنها أدركت أنه على الارجحيعلم عندما سالها : أتريدين أن أعيدك إلى هنالك"
- لا. لا أريدأجابت بحدةوجفاء وسحبت نفساً مرتجفاوعندما تمالكت نفسها أضافت "شكرا لا أريد العودة إلى هناكأبداً"
ومره أخرى شعرت بالعينين الرماديتين تتفحصانها، لكن التعب والارهاقمنعاها من ان تهتم وعلى كل حال هو لم يقل شيئاً إنما قاد السيارة مسافة ميلين ثمأخذ يبطئ السيارة .
تملكها الحذر فعدا عن مبنى مهجوز إلى اليمين لم يكن فيالمنطقة منزل آخر.
توجه بالسيارة إلى ما بدا لها الجزء الوحيد القائم من ذلكالبيت المهجور، ولا حظت عمودين حجزيين على جانبي المدخل الذي كتب عليه (هاركوتهاوس)
- إلى أين تأخذني ؟صرخت بخوف وقد نشطت مخيلتها. من الممكن أن تدفنسنوات في واحد من هذه الأبنية المتداعية الملحقة بالمنزل من دون ان يعرف ذلكأحد.فقال بصوت هادئ يتناقص مع صوتها المذعور:" أنت لا تعلمين إلأى أين تريدينالذهاب ، و انا ليست في مزاج مناسب لأفك الألغاز . توقفت هنا لأخذ بعض معداتي و ...."
فهتفت غير مصدقة :"هل تعيش هنا؟"
- بل أعيش في لندن ، لكنني أرمم هذاالمنزل لم أنكن أنوي القدوم خلال هذه العطلة الاسبوعية ، ولكن مع هذا الجو الممطرحئت لأرى ما إذا كان الجزء المتداعي من السط قد أصلح .
بدا لها أن هذا كل ماهومستعد لقوله لانه سرعان ما تابع"علي القيام ببعض الأعمال التي قد تستغرق بعض الوقت . أما انت ، فإما ان تبقي في السيارة وتصابي بالتهاب رئوي ، لألقي بلك في اول ملجألمتشردين أصادفه في طريقي ، و إما أن تدخلي المنزل وتجففي ثولك أثناء إنتظارك فيالمطبخ الدافئ."
أخذت مالون تحدق إليه بذهول عدة ثوان. وصفه لها بالمتشردة جعلهاتنقل نظراتها بينه وبين ثوبها.
رأت، بعينين مذعورتين أن ثوبها كان ممزقاً فيأمكنة عدة.
صرخت بصوت مخنوق وقد التهبت وجنتاها وأغرورقت عيناها بدموعالمذلة.
- إياك أن تجرؤي على البكاء أمامي! هيا بنا لندخل .
قال هذا بلهجةآمره وهو يترجل من السيارة ليفتح لها الباب .
لم تخرج من السيارة على الفور فقدتملكها رعب لن ثتق بأحد مره أخرى بسرعة ، ولحسن الحظ، أن المطر قد خف كان الرجلالغريب طويلا فانحنى ينظر إليها بينما غطت هي بعناد ثوبها المكشوف وبقيت واقفة فيمكانها رافضة ان تتزحزح
- أنت لن...............
ابتدأت بهذا السؤال ثماكتشفت انها ليس بحاجة إلى إكماله .
بادلتها العينان الرماديتان الثابتنانالتحديق. أتراه أعجب بها لينتهز الفرصة؟نظر إلى مظهرها الرث ثم قال لإختصار " ولا بعد مليون سنة".
لم يكن رده يحيوي علىالمديح ، إلى انه طمانهاتركهالتلحق به ثم فتح الباب الخلفي ودخل إلى ورشة العملنزلت مالون من السيارة ثمأخذت تسير بحذر بين معدات البناء. كانت الردهة الخلفية مظلمة وقد توزعت في أنحائهاالالواح الخشبية المتاوفته الطول . كان النهار كئيباً ولكن المصباح الكهربائي مضاءأدركت أن عمال الكهرباء مازالوا يعملون وان المنزل هاركورت هاوس لم يعد مهجوراً كمابدا لها الخارج الامامي .
وجدت الرجل يضع إبريق الشاي على النار في مطبخ منظموكامل التجهيزات وقفت بالباب وهي تقول غير واثقة :" يبدو أن زوجتك حصلت على مايهمها أولاً"
فقال وهو يفتح درجاً ليخرج منه فوطتي مطبخ ويضعهما على المائدةبقربها :" بل أختي فأنا غير متزوج وفقاً لأختي فاي المطبخ هو قلب البيت وقد تركتهاتنظمة حسب رغبتها مع بعض الارشادات مني"
ابتدأت مالون تشعر بشي من الارتياح معهدخلت المطبخ لكن عينيها كانتا تراقبانه وهو يعد الشاي .
- يوجد جهاز تدفئةكهربائي لماذا لا تدفئين نفسك؟ وبما انك لا تستطيعين احتضان ثوبك الممزق طوالالوقت، سأخضر لك قميصاً تلبسينة أثناء شربك الشاي؟لم تجب لكن لهجته الحازمةجعلتها تحيد عن طريقه وهو يخرج من الغرفة وعندما عاد وهو يحمل قميصاً وبعضالبنطلونات ن وجوربين قصيرين ، كانت لاتزال واقفة مكانها.
- جهاز التجفيف موجودفي تلك الغرفة . كما إن باب المطبخ مزود بقفل. لم لا تغيرين ملابسك بينما أذهب أنللاهتمام ببعض الامور؟لم تكن مالون مستعجلة لتغيير ملابسها . شعرت بأن هذاالرجل يعرف كيق يتظاهر بالرقة والشهامة، لكنها لم تعد تنخدع بالمظهر الخارجي. تقدمتنحو باب المطبخ وأقفلته.
استعملت المنشفةبسرعة، ودون الاهتمام بمظهرها.وضعتثوبها في جهاز التجفيف، بينما ارتدت الملابس التي أحضرها لها الرجل . ثنت كميالقميص ولكذلك ساقي البنطال وحارت في كيفية تثبيتهما . وعندما عاد الرجل الغريب،كانت تلف شعرها المبلل بأكبر منسفة وجدتها شاعره بتحسن بالغ.
أثناء فتحها لخزائن المطخ وجدت فنجاني شاي ومعلبات مختلقة جهزتهاأخته.
فتحت مالون قفل الباب.وعندما دخل الرجل ،قالت له بما يشبه الاعتذار :"فكرتفي أن أسكب الشاي قبل ان يبرد".
- كيف حالك الآن.؟سألها وهو يحمل فنجانيالشاي الى المائدة الفسيحة. قدم لها كرسياً،ثم جلس في الناحية الآخرى منالمائدة .
فأجابت شاعرة بثقة بعد ان جلست على الكرسي التي قدمها إليها :
- أشعر بالدفء والجفاف.
- هل لي أن أعرف إسمك.؟تابع وكانه يشجعها على ذكرإسمها "أدعى هاريس كويليان"\
- مالون بريتويتولم تزد وساد الصمت في الغرفة .
سألها وهو ينهي فنجانه ويضعه على المائدة " هل هنالك ما تحبين أن تخبرينيبه؟"
لا شيء.....! أخذت تفكر سرا وهي تحدق إليه .. تألقت عيناها العميقتا الزرقةفيما عاد اللون إلى بشرتها الجميلة جذبت نفساً مرتجفاً فهي تدرك أنها مدينة لهذاالرجل أكثر من مجرد كلمة (لا) لم يكن مضطراً لان يقف ونتشلها من ذلك الوضع ولامرغماً على مدها بملابس جافة . واعترفت لنفسها بأن شهامة هاريس كويليان اشعرتهابالدف واعادت إليها الثقة بالطبيعة البشرية .
سألته" ما ... ماذا تريد أن تعلم؟"
هز كتفية وكأن ذلك غير مهم ولكنه أجاب "أنك شابة مليئة بالكآبة، ولا يهمك أنيتذهبين ، عدا عن نفورك الواضح من العودة من حيث جئت.ربما يستحسن أن تخبريني عما حثفي "آلمورا لودج" فأجافك إلى هذا الحد".
لم تشأ أن تخبره بشء كهذا ، فسألته "هلأنت مخبر سري؟"
فهز رأسه :"لا، أن أسكن المدينة وأعمل في المواردالمالية"
تكهنت من النظر إليه أنه يتربع على عرش دنيا الأعمال لانه يصلح هذاالمنزل الفسيح الذي يكلف ثروة. ومع ذلك لم تشأ ان تجيب عن سؤالهفأعاد صياغةالسؤال "لاي سبب كنت تزورين ألمورالودج".
بقيت على عنادها لا تجيب ، ثم اكتشفتأنه يوازيها تصميماً في الحصول على الجواب ، إذا قال بإلحاح :"آلمورا لودج يماثلهذا المكان عزلة, يقتضي الوصول إليه مواصلات خاصة"
- كان عليك أن تكون مخبراًسرياًأبتدات تشعر بالاستياء إلى حد لم تعد ترى معه السيد هاريس كويليان شهماًعلى الاطلاق.
- ما الذي أخافك يا مالون وجعلك تهربين من دون أن تجدي وقتاًلتأخذي مفاتيح سيارتك؟فانفجرت تقول " لم أجد وقتاً آخذ فيه مفاتيح سيارتي لاننيلا أملك سيارة".
ابتسم، فقد جعلها تتكلم :" ومكيف ذهبت إلى هناك إذن؟"
ابتدأتتكره هذا الرجل :"احضرني رولاند فيليبس من المحطة وذلك منذ ثلاثة أسابيعونصف".
سكت هاريس كويليان فجأة وقد اسودت ملامحه،ثم عاد يسألها
-أنت أقمتهناك؟ مع فيليبس في "آلمورا لودج"؟ هل انت خليلته؟"
فقال صائحة :"لا. لست كذلك ! وما كنت كذلك قط"
أغضبتها هذه الصفة"ولانني رفضت تحرشاته تعاركت معهاليوم"
واخذت ترتجف،فوقف على الفور واقترب منها لكن مالون لم تكن تريد اي نوع منالمواساة من أي رجل فتراجعت بسرعة.
وعندما تكلم ، كان صوته هادئاً مواسياً - هلتعاركت معه؟"
فأجابت وقد هدأ صوتها " حسناً لم يضربني ، رغم انني أعاني من رضوضفي جسدي جراء خشونته . فانا التي تعاركت معه، في الحقيقة لأخلص نفسي منه كان يشربولكنه لم بفقد شيئاً من قوته".
- هل استطعت التحرر منه قبل........؟فقالتهامسة :" نعم"
شعرت بإعياء لمجرد تذكرها ما حدث ، ثم أدركت ان لونها شحب عندماقال لها:" ربما يجدر بك أن تجلسي، يا مالون. أعدك بأن لا أؤذيك".
بدت لها العودةللجلوس فكره حسنة. عادت إليها قوتها وكان هذا كافياً لتقول بحزم :" لا أريد انأتحدث عن ذلك ".
عاد هاريس إلى مقعده ثم قال " لقد اصبت بصدمة .ومن الافضل انتتخلصي منها بالكلام."
فردت عليه بحدة :"هذا ليس من شأنك".
-بل هو شأني .
كان جوابه خشناُ وعزت الأمر إلى انه انتشلها من مواجهة الرياح ومنحها ملجأ .تابع يقول بحزم : إما ان تخبريني يا مالون ، و إما.........."
نظرت إليه لمتهتم كثيراً بكلمته تلك بينما تابع يثول "و إما سأضطر إلىالتفكير جدياً في أخذك إلىمخفر الشرطة لتقديم شكوى محاولة اغتصاب ضد رولاند فيليبس........"
- لن أفعلشيئاً من هذا النوع ..
قاطعته بقولها. صحيح أن رولاند فيليبس يستحق أن يتهمبمحاوله اغتصاب إلا ان هناك اعتبارات أخرى يجب التفكير فيها. تعلم مالون ان تهمةالاغتصاب ، وما يصحبها من تشهير ستسبب لأمها قلقاً خطيراً ولكن أمها بدأت الآن تشعربالسعادة بعد سنوات من التعاسة ولن تفسد عليها تلك السعادةوحملقت بعناد فيهاريس، فبادلها نظرتها وهو يقول :"الخيار لك ".
استمرت تحملق فيه من دون أن يؤثرذلك فيه وثار غضبها .. ماذا جرى له؟ هل لانه أوصلها بسيارته و أعطاها ملابس جافة..؟حولت نظراتها عنه. لا بد أن ثوبها قد جف الأن ونظرتإلى نافذة المطبخ وتملكها اليأس ..فقد كان المطر ينهمر بغزارة.فقالت بجفاف:
- كنت أعمل لديه.
-رولاندفيليبس؟
- وضع إعلاناً يطلب فيه مدبره منزل والافضلية لمن تحسن الاعمال المكتبيةوكنت بحاجة إلى مكان اسكنه .. ووظيفة وهكذا تقدمت.
-وهل أجابك خطياً؟
-اتصلهاتفياً. أنه يعمل مشرفاً على سلسلة مطاعم في أوروبا . قال انه نادراً ما يأتي إلىبيته هنا.
فسألها هاريس بخشونه :" وهل وافقت على العيش معه من دون أن تسألي عنهأولا؟"
فانفجرت ساخرة :"أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً".
شعرتبالارتياح وكأن هذا الرجل الحازم أمدها بالطاقة وتابعت :
- قال إنه بحاجة إلى انابدأ عملي على الفور وقد ناسبني الامر جداً قال انه متزوج و .......
فقاطعها :"هل تعرفت إلى زوجته ؟"
- كانت خارج البلاد، انها تعمل في مؤسسة خيرية للأولادوقد سافرت لتوها.لم أعرف إلى بعد وصولي الى آلمورا لودج، لكن الأمر لم يزعجني بشكلخاص. كان رولاند يعمل بعيداً عني ، أكثر الاحيان ، في الواقع، نادراً ما كنت أراهحتى هذه العطلة الأخيرة.
-هل هذه أول عطلة اسبوعية يمضيها في بيته؟
-نعم .وصلمساء الجمعة متأخراً.. وهو ..
وعندما سكتت قال يستحثها :"وهو ماذا ؟"
- حسناً، كان مهذباً مساء الجمعة ، وامس ايضاً، رغم انني ابتدأت أشعر بعدم الارتياح.. ليس بسبب ما يقوله بل لما كان يتضمنه قوله من أشياء فاحشة .
ألم يكن عدم إرتياحككافياً لكي يجعلك تغادرين منزله ، حينذالك؟كان هذا تدخلاً من كويليان فكرهتهمالون، وردت عليه بحدة :"وأين أذهب ؟ لقد تزوجت أمي حديثاً، ومن غير المناسب أنأنتقل معها إلى بيتها إذا لم أحصل على راتبي من رولاند ، فلن أستطيع الذهاب إلى أيمكان ".
-هل أنت مفلسة؟.
سألها باختصار ولكنها استشاطت عيظاً . يكفيهااضطرارها إلى الحديث عما حدث لها،لذا لن تضيف أنها لا تملك مكاناُ تبيت فيهليلتها.
- نسي أن يترك نقوداً كمصروف لبيته، فاضطررت لانفاق ما لدي من دكانالقرية الذي يبعد ميلاً.
-ألم تفكري أبداً في أن تطلبي منه نفقات للمنزل؟\
- ماذا ؟اعترضت على استنطاقة لها ، لكنه عندما نظر إلها ببرودة وجدت نفسها تعترف :" بدا لي ذلك مهيناً ففكرت في أن أدع ذلك حتى أستلم منه أجري . حينها، كان رولاندقد شرب الكحول كثيراً اثناء الغداء ثم ...ثم ...ثم يبدو أنه ظنني أشجعه عندما قلتله أن يرقع يده الكريهة عني. لم يخطر ببالي، عندما استطعت الهرب منه ، أن أتسكعقربه لأتحدث إليه عن النقود التي يدين لي بها! انطلقت هاربة من الباب بأقصى سرعة . والآن هل اكتفيت؟لم تعرف ما إذا كان راضياً حقاً عن اعترافاتها لان صوت ارتطامعنيف فوقهما صرف أفكارهما عن أي شي أخر.
وفي غضون ثانية أصبح هاريس في الردهة وأخذ يصعد السلم ركضاً وتبعته مالون. كان المكان عائماً بالماء و أحد أبواب غرفالنوم مفتوحاً. ومن دون تفكير ، اندفعت إلى الداخل لتقديم المساعدة كان واضحاً أنالسطح لا يزال ضعيفاً ومع تساقط المطر انهار سقف إحدى الغرف وسألته "أين تضعونالدلاء؟"
وبعد ساعة ،انتهى تنظيف الغرفة من الماء والحطام وعادت مالون إلىالمطبخ وكانت قد استعملت الفوطة التي لفت بها شعرها لعدم وجود خرق لمسحالارض.
لحسن الحظ ، كان شعرها قد جف الآن ، وعندما دخل هاريس بالمطبخ رأها تمشطشعرها الاشقر الطويل، لم تعرف ما إذا كان عملها هو الذي جعلها تشعر بمزيد منالمعافاة، وبالقدرة على تقييم خياراتها بمنطق أكثر مما فعلت .
قال لها وعيناهتتأملان لون شعرها الحقيقي: شكرا على المساعدة، عملك كان رائعاً".
لم تستطع انتقول له انه كان متكاسلاً لانه حمل الاشياء الثقيلة فأجابت "كان عملاً مشتركاًبيننا".
حسب علمها، كان شعرها مشعثاً متشابكاً، ووجهها خالياًمن أي زينة، كماأنها ترتدي قميص كويليان وبنطلونه الفضفاضين وبعضل تنقلها خافية في الماء في الطابقالأعلى أصبحت الآن مبللة .قالت بتكلف مرح :"من الأفضل أن أبدأ بالتفكير في ما عليأن أفعله".
- بشرط ألا تعودي إلى "آلمورا لودج"
قال هذا فجاة بلهجة عدائية .لديه الموهبة لتفجير غضبها على الفور :وهل أبدو غبية إلى هذا الحد؟"
تكلمت بغضبلكنها تعرف أنها ستطلب منه العون لذا عليها ان تكبح كرامتها وتتنازل عن عليائهافقالت مكرهة :" كنت ... أتساءل إن كنت تتكرم وتوصلني إلى يوركشاير؟".
- وهل تعيشأمك هناك؟
- ليس لدي مكان غيره لأذهب إليه
- ولكن ، ألا تريدين الذهاب إلىهناك؟
- عاشت إمي أياماً صعبه وهي سعدة الآن لأول مره منذ سنوات . لا أريد أنأسبب لها القلق خصوصاً في شهر عسلها . لاأعرف الآن ما العمل.
ساد صمت قصير ثمقال :"أنا أعرف"
نظرت إليه بدهشة ...حذرة :"تعرف؟"
- إهدئي و اصغي إلىماسأعرضه عليك.
- ما ستعرضه علي؟سألته وعيناها إلى الباب ، مستعدة للهرب لدىأي تصريح منافق يدلي به.
- استريحي ، يا مالون . ما سأعرضه عليك واضح للغاية . أنت بحاجة إلى عمل، مع مكان للسكن، كما أنني بحاجة إلأى وكيل عني هنا.
فحملت به :"وكيل؟ فإما أن تقبلي وإما أن ترفضي. ولكن ، كما ترين، المكان يعاد يناؤة و انابحاجة إلى شخص هنا ليشرف على عمال الأدوات الصحية ، والنجارين ، والفنيين ومصل هذهالامور. أي ملاحظة الأمور عموماً، إذا تسرب الماء من سقف ما. لقد رأيت لتوي طريقةمعالجتك للامور الطارئة . وفيما بعد ، سأكون بحاجة إلى مشرف على العمال وعلىالأثاث...
لم يكن بحاجة إلى الاستمرار ،فقد أخذت فكرة تامة . ولأنها عانتلتوها من مخدومها السابق فكرت في أن هذا العمل يناسبها تماماً لفترة قصيرة ، إذاسيمنحها سقفاً أثناء بحثها عن عمل آخر ..
- أين سيكون مركز هذا العملالمثير؟سألته محاولة ألا تفكر في أن هذا العمل حل رائع لمشاكلها. إذا قبلت عملالمراقبة هذا فلن يكون عليها ان تتطفل على أمها وزوجها في بداية حياتهما الزوجيةمعاًوأجابت :"هذا المبطخ هو ، تقريباً،المكان الوحيد المريح في هذا المنزل، لذالدينا أنا وانت ، مصلحة مشتركة ..."
فقاطعته بارتياب:"واين سأنام؟"
تأملهالحظة أو اثنتين ثم قال بهدوء:" انت لا تثقين بالرجال، أليس كذلك ".
- فلنقل اننيعرفت ما يكفيمن الرجال الذين يظنون أنني متلهفة للخروج معهم .
- وهل لديك تجاربعدا فيليبس؟تجاهلت مالون هذا السؤال . كانت تجربتها مع رولاند هي الأسوأ، لكنهالاتنوي أن تخبر كويليان عن زوج أمها السابق و ابنه ولا عن خطيبها السابق المتقلبالعواطف .
وعادت تسأله - أين سأنام ؟كانت تدرك أن عليها أن تفكر بجدية فيعرض العمل هذا
- حالياً، هناك عرفتان صالحتان للسكن، لكنهما غير مطليتين . تكفيك واحدة منهما وهي تحتوي على الكثير من الاثاث، لكنها عرفتي التي أمضي فيهاعطلة الأسبوع.
ومره أخرى ألقت نظرة سريعة على الباب بينما كان يتابع :"لكننيسأعود إلى لندن هذا المساء، وبهذا تكون لك حتى أرسل إليك سريراً أخر، ربما غداً أوالثلاثاء . هل لديك مانع من البقاء هنا وحدك ؟"
- لا، أود ذلك .
أجابت بصراحةوصدق، وهي لا تكاد تصدق هذا التحول المفاجئ في الاحداث
- هذا حسنشعرت نحوهبالمودة وهي تراه لا يشعر بأي جرح في كرامته لان جوابها بدا وكانها تقول إنها لاتمانع حتى لو تركها الآن وخرج..و انها تفضل بعده عنها على صحبته. وتابع هو :" إذاقبلت هذا العمل،
فسأرتب أمر إحضار بعض الأثاث باكراً ، وعند نهاية الأسبوع تكونين مستقرة في غرفتك ".
- هل ستكون هنا مره أخرى في العطلة الاسبوعية ؟
سألته بتحفظ فتأملها بثبات :" هل أنت دوماً بهذا الاحتراس ؟ط
- لا ، وإلا لما كنت في الوضع الذي انا فيه!
- إذن فأنت قلقة من أن أمضي ليلة معك في البيت نفسه؟
لم تجب،، وبعد لحظة قال :" اشتريت هذا المنزل لكي أرتاح فيه أخر الاسبوع . ومن الواضح أن إصلاح "هاركورت هاوس " سيستغرق وقتاً طويلاً. ولكن إذا وافقت على البقاء هنا، فيمكنك الاتصال بي أو بسكرتيرتي عند حصول أي مشكلة ، مثل تسرب الماء ، أو ملاحقةالعمال... فأحضر.
أثناء وجودي ، سأخذك إلى فندق ثم أعود فأحضرك قبل عودتي إلى لندن، ما رايك بهذا؟.
- إلى متى سيستمر هذا؟
سألته ذلك ، عالمة بأن عليها ان تكون متلهفة لاقتناص هذه الفرصة ولكن الخوف مازال يتملكها ، فقالت :" عندما تهدأ أعصابي، سأبدأ بالبحث عن عمل أكثر اسقراراً."
-لا أظن أن العمال سينتهون قبل ثلاثة أشهر، لكنني لن أتمسك بك كل هذه المدة، إذا وجدت عملاً مناسباً.
سحبت مالون نفساً عميقاً ثم قالت قبل ان تغير رايها:" أقبل هذا العرض".
ثم انتبهت فجأة إلى ملابسها فهتفت :" ملابسي.. لايمكن أن أطوف في البيت مرتدية قميصك وبنطلونك ثلاثة أشهر".
-فقال بهدوء سأخذك بالسيارة إلى آلمورالودج لتحضري أمتعتك.
- وهل ستأتي معي أيضاً........؟
وبدا الخوف في صوتها فتوتر فكة - لن أتركك تذهبين وحدك
قال هذا بحزم ، ثم نظر إلى ساعته . عندما نظر إليها ، رأت في عينيه نظره فولازية ، فتملكتها الحيرة وهو يقول : حان الوقت لأن أذهب و اتحدث إلى صهري.
نظرت إليه بصمت من دون أن تفهم ما قاله .وسألته "صهرك ؟"
سار هاريس نحو باب المطبخ ، وقد بدا مصمماً على الذهاب معها :
" رولاند فيليبس هو زوج أختي فاي".
نظرت مالون إليه فاغرة فاها .لم تستطع ان تتذكر ما قالته له. ولكن ما تعرفه هو انها أخبرته بصراحة أن زوج أخته هاجمها عمداً!!
ابتدأ الغضب يتملكها من كويليات، كيف يجرؤ على ذلك ؟لا بد انه أدرك انها ما كانت لتخبره شيءاً عن رولاند لو عملت انه صهره !
وأدركت أن هاريس كويليان لم يخبرها بذلك ، لتتابع حديثها لا بد أنه تعمد ذلك ...... كيف أقدم على ذلك؟
نهاية الجزء الاول